اختتمت، مساء أمس السبت، فعاليات الدورة التاسعة والثلاثين لملتقى الأندلسيات بشفشاون، الحدث الذي يروم الاحتفاء بالموسيقي والموروث الثقافي المشترك المغربي – الأندلسي.
وتميزت هذه الفعاليات الفنية، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بمبادرة من وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشراكة مع عمالة وجماعة ومجلس إقليم شفشاون ومجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة بمناسبة الذكرى ال 26 لعيد العرش المجيد، بمشاركة أجود الأجواق المرموقة على الصعيد الوطني، والتي قدمت عروضا فنية نوعية ومتميزة، أبانت عن تنوع المدارس وتكامل الأساليب، وساهمت في تجديد اللقاء مع جمهور وفيّ وذواق لطرب الآلة.
وأبرز المدير الإقليمي للثقافة بتطوان والمدير التنفيذي للمهرجان، العربي المصباحي، أن هذا “الحدث الفني والثقافي العريق، يعد اليوم علامة مضيئة في سماء المشهد الثقافي والفني المغربي”، مبرزا أن هذه الدورة شكلت على مدى ثلاثة أيام، “فضاء رحباً لتلاقي الأجيال والاستمتاع بالألحان والقصائد الشجية ومنصة للاحتفاء بفن طرب الآلة، وبغية إبراز دور شفشاون في الحفاظ على التراث الأندلسي في تعدد تمظهراته وتجلياته.”
وسجل العربي المصباحي، في كلمة اختتام الملتقى، أن ساكنة شفشاون وزوارها عاشوا “لحظات موسيقية راقية، مشبعة بنفحات التراث المغربي الأندلسي، عكست عمق الذاكرة الثقافية المغربية، وقدرة هذا الفن العريق على مواكبة العصر، دون أن يفقد جوهره وقيمه الجمالية الأصيلة.”
وبلغت السهرة الختامية الكبرى ذروتها بالمنصة المقامة بمسرح الهواء الطلق بوطاء الحمام بالقصبة الأثرية وسط حضور أعداد غفيرة من ساكنة وزوار مدينة شفشاون، و تجاوب مع الأداء المتميز لجوق محمد العثماني للموسيقى الأندلسية القادم من الدار البيضاء، والذي ساهم بشكل ملفت في خلق أجواء احتفالية كبيرة ألهبت حماس عشاق الموسيقى، وسافرت بهم في رحلة أندلسية بين المقامات الموسيقية، من نوبات الماية وانصراف البطايحي وغيرهما.
وأكد محمد العثماني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الموسيقى الأندلسية لديها جمهور ذواق، مشيدا بدور ملتقى شفشاون العريق في استمرارية هذا الفن وحث مختلف الأجواق والفرق على المنافسة الشريفة للمشاركة في فعالياته.
وشدد الفنان والباحث الموسيقي العثماني على ضرورة “تطوير الموسيقي الأندلسية وإبداء فيها بعض الرؤى نحو النظرة المستقبلية من طرف رؤساء الأجواق، لتدريسها بالمؤسسات التعليمية لفائدة الناشئة من تنقية الذوق الجمالي في المغرب”.
وشكلت هذه السهرة الختامية إعادة اكتشاف جوق أمين الدبي لطرب الآلة من الرباط، الذي قدم عروض من صنائع من ميزان قدام عراق العجم، وتحت طلب الجمهور قدم الحصة الصوفية “قصيدة الفياشية” وبعض القصائد التي تتناول مدن شمال المملكة الشريفة وخصوصا مدينة تطوان.
وعرف هذا الملتقى لحظة إنسانية رفيعة، إذ انفتح لأول مرة على محيطه الاجتماعي والتربوي، بتنظيم أمسية فنية في حفل بهيج لفائدة نزلاء الجمعية الخيرية الإسلامية بشفشاون، وقدمت خلاله وصلات غنائية من طرف جوق شباب طنجة للموسيقى الأندلسية برئاسة الفنان داوود السطيطو، الذي أطرب الأحداث والنزلاء والأطر العاملين بهذه المؤسسة.