افتتحت مساء الأربعاء بطنجة، رسميا، فعاليات الدورة السابعة لمنتدى “ميدايز”، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس تحت شعار “الانقسامات والاستقطابات: إعادة ابتكار المعادلة العالمية”.
وتشهد هذه الدورة، التي تتواصل إلى غاية 29 نونبر الجاري، مشاركة ضيوف ومتدخلين رفيعي المستوى، لمناقشة مجموعة من القضايا الجيو – استراتيجية الرئيسية، مع تركيز خاص على التحديات والرهانات والفرص التي تواجهها إفريقيا ودول الجنوب العالمي.
في كلمة خلال حفل الافتتاح، قال الرئيس المؤسس لمنتدى ميدايز، ومعهد أماديوس، إبراهيم الفاسي الفهري، إنه في سياق دولي يطبعه تصاعد حاد في الانقسامات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يبرز المغرب اليوم كقوة توازن وفاعل محوري في الجنوب العالمي، مضيفا أن المملكة، بقيادة الرؤية الثاقبة والجريئة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، “تتقدم بثقة معتمدة على السيادة والقدرة على الصمود والتضامن”.
وأشار إبراهيم الفاسي الفهري إلى أن المغرب يعتمد دبلوماسية “منفتحة وحازمة وبراغماتية”، تستند إلى هوية إفريقية وأطلسية ومتوسطية وكونية، معتبرا أن هذه المقاربة المتسقة مكنت المملكة من أن تصبح قطبا للاستقرار والحوار والتنمية المشتركة، مع تعزيز دورها الريادي ضمن جنوب عالمي بات اليوم قادرا على التأثير في تطور النظام الدولي.
بخصوص قضية الصحراء المغربية، أكد رئيس معهد أماديوس، أن القرار 2797 الصادر عن مجلس الأمن في 31 أكتوبر الماضي وضع حدا نهائيا لنصف قرن من الغموض، من خلال تكريس مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها “الحل الوحيد الجاد وذا المصداقية والواقعي”، مشددا على أن هذا التطور التاريخي هو ثمرة دبلوماسية مغربية صبورة ومنسجمة وثابتة، مدعومة بورش تنموي غير مسبوق في الأقاليم الجنوبية.
كما سلط السيد الفاسي الفهري الضوء على المبادرة الملكية الأطلسية، التي أطلقت سنة 2023، والتي تجعل جنوب المملكة في صلب فضاء جديد للتكامل والنمو والاستقرار لفائدة إفريقيا، مذكرا بأن منتدى ميدايز، الذي تأسس منذ 17 سنة، يندرج في صلب هذه الدينامية، إذ تلتئم فيه سنويا ثلة من المسؤولين للحوار والتعاون وبناء عالم أكثر عدلا وتوازنا.
من جهته، نوه رئيس غامبيا، السيد أداما بارو، بالقيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي تعيد رسم معالم التعاون جنوب-جنوب من خلال الزيارات الملكية والاتفاقيات الملموسة والإنجازات المحققة في مجالي التنمية والتعليم.
كما سلط السيد أداما بارو الضوء على المبادرة المغربية للحكم الذاتي في تسوية النزاعات الإقليمية، وكذا مساهمة المملكة في تعزيز الاستقرار والازدهار بالقارة الإفريقية.
وأشار أيضا إلى أن المغرب وغامبيا تجمعهما شراكة متينة قائمة على التضامن والمصالح المشتركة، داعيا إلى جعل إفريقيا قارة للحلول، قادرة على الاضطلاع بدور محوري في الحكامة العالمية والاستقرار والابتكار والتنمية المستدامة، تماشيا مع روح وأهداف منتدى ميدايز.
أما رئيس جمهورية ليبيريا، السيد جوزيف بواكاي، فقد أكد أن موضوع هذه الدورة من المنتدى يدعو إلى مواجهة عالم متغير بشكل لا يمكن توقعه، وأحيانا يفتقر إلى اليقين.
ودعا السيد بواكاي إلى تفكير جماعي حول مكانة القارة الإفريقية، مشددا على أنه يتعين على إفريقيا ان تطالب بمكانتها الشرعية باعتبارها صانعة لمصيرها بنفسها.
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، عن بالغ التقدير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على التزامه الراسخ بدعم الحوار البناء وتعزيز الشراكات بين دول الجنوب العالمي، مشيدا بجهود المملكة المغربية، التي تجسد قيادة واعية ورؤية استراتيجية في مجال الدبلوماسية والتنمية والتعاون القاري، لإعادة التوازن للنظام العالمي، الذي يواجه تحديات غير محصورة وغير محسوبة العواقب.
وأكد السيد حمزة عبدي بري أن منتدى ميدايز، ومنذ تأسيسه عام 2008، برز كمبادرة حكيمة من المملكة، وكمنصة دولية لأصحاب الفكر والقرار لتبادل الأفكار حول مشاكل وقضايا دول جنوب العالم، مبرزا سياق انعقاد المنتدى في وقت تواجه فيه دول الجنوب تحديات عديدة على صلة بالتحولات العميقة التي يشهدها النظام العالمي.
أما رئيس وزراء غرينادا، السيد ديكون ميتشيل، فقد توقف عند الحقائق الملحة خلال العصر الحالي والتي تستدعي المزيد من التضامن المتجدد، مذكرا بأن الدول الصغرى تحس بشكل أقوى بهذه التوترات، وأنها تكون عرضة بشكل مباشر للتغيرات المناخية.
كما شدد على أهمية تقوية الحوار والدبلوماسية، مشيرا إلى أن التعاون يبقى دوما ممكنا بالرغم من الانقسامات التي يشهدها العالم.
يذكر أن منتدى ميدايز، منذ انطلاقه سنة 2008، أكد مكانته كرافعة “القوة الناعمة”، مستلهماً بشكل دقيق السياسة الخارجية الطموحة والاستباقية للمملكة، التي يجسدها ويقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وتتخلل دورة هذه السنة أشغال “قمة ميدايز للاستثمار” المخصصة لتشجيع الاستثمارات الاستراتيجية في إفريقيا وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بما يجدد التأكيد على التزام ميدايز بدعم تنمية مستدامة، شاملة ومهيكلة.






