بينما تعيش كأس أمم إفريقيا أجواءً استثنائية من حيث التنظيم، الحضور الجماهيري، وتفاعل النجوم الأفارقة مع الحدث، تبدو أغلب المنتخبات منسجمة مع روح المنافسة، تقاتل على أرض الملعب وتُسلِّم بنتائجها مهما كانت، فوزًا أو تعادلًا أو حتى خسارة. لم نلحظ شكاوى صاخبة ولا اتهامات جاهزة، بل تركيزًا واضحًا على الأداء واحترامًا لقواعد اللعبة.
في المقابل، ومع اقتراب معالم الدور الثاني وظهور اسم منتخب الكونغو الديمقراطية كمنافس محتمل للمنتخب الجزائري، عاد خطاب مألوف إلى الواجهة داخل بعض المنابر الإعلامية الجزائرية. تصاعدت نبرة التشكيك، وظهرت قراءات مبالغ فيها للقرعة، وكأن المواجهة بحد ذاتها تمثل عبئًا غير مبرر، رغم أنها جزء طبيعي من مسار أي بطولة قارية.
الغريب أن الخطاب ذاته يجمع بين نقيضين: التأكيد على قوة المنتخب وقدرته على التفوق على الجميع، وفي الوقت نفسه إبداء انزعاج واضح من أي مواجهة لا تبدو “مضمونة”. وعندما تغيب أفضلية الطريق السهل، يبدأ البحث عن تفسيرات خارج المستطيل الأخضر.
الرياضة، في جوهرها، تقوم على التحدي وتكافؤ الفرص، ولا تعترف بالأسماء أو التصنيفات المسبقة. كل مباراة تُلعب داخل الملعب، وكل نتيجة هي حصيلة أداء وعطاء، لا نتيجة مؤامرة أو ترتيب خفي. لذلك، يمكن قراءة هذا الجدل المتكرر بوصفه تعبيرًا عن قلق مبكر أكثر منه موقفًا موضوعيًا.
وفي نهاية المطاف، تبقى البطولة فرصة للاحتفاء بكرة القدم الإفريقية، بروحها التنافسية وجمالها، بعيدًا عن الخطابات المتشنجة، لأن متعة اللعبة تبدأ مع صافرة الحكم، لا مع الجدل الذي يسبقها.






