قال سفير المغرب بالأرجنتين، فارس ياسر، إن المغرب الذي أرسى استراتيجية طاقية تعتمد أساسا على الطاقات المتجددة يوجد في “طليعة انتقال طاقي يسير نحو مستقبل مستدام وحديث”.
واستعرض الدبلوماسي، في كلمة ألقاها، مساء أول أمس الأربعاء، خلال ندوة حول “معضلة الطاقة في القرن الحادي والعشرين”، وعقدت بكلية بوينوس آيريس المرموقة للحقوق، الإنجازات التي حققها المغرب خلال السنوات الـ 15 الماضية في مجال الطاقات المتجددة، إضافة إلى الطموحات المشروعة للمملكة في أن تصبح موردا للطاقات النظيفة للسوق الأوروبية الضخمة.
ولفت إلى أهمية تعزيز التشبيك بين الأسواق الدولية للطاقة والكربون، مبرزا أن “المملكة تعتبر البلد الإفريقي الوحيد الذي يرتبط بالقارة الأوروبية في كلا الاتجاهين، في قطاعات الكهرباء والغاز واللوجستيك”.
وشدد على أن نقطة الانطلاق للاستراتيجية المغربية هي ارتفاع الاستهلاك الطاقي الذي رافق طفرة اقتصاد المملكة الذي تتجاوز فاتورته الطاقية 12 مليار دولار سنويا.
ولمواجهة هذا التحدي، قال الدبلوماسي “طور المغرب خبرة واسعة في مجال الطاقات المتجددة على مدى السنوات الـ 15 الماضية، مستفيدا من موارده الطبيعية الوفيرة من قبيل، الشمس والرياح والماء”، مؤكدا “التزام المملكة بالاستدامة (…) مما يجعلها تتموقع كرائد إقليمي في هذا القطاع”.
وسجل سفير المغرب أنه بفضل هذه الاستراتيجية، التي تم وضعها “منذ سنة 2009 تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، يتطلع المغرب إلى رفع مزيجه الطاقي إلى 52 في المائة في أفق سنة 2030″، لافتا إلى أن “الاستراتيجية الطاقية للمملكة ترتكز أساسا على الطاقات المتجددة، وتطوير النجاعة الطاقية وتعزيز الاندماج الإقليمي”.
وتابع أن هذه الاستراتيجية تنطوي على أهداف قابلة للقياس وعلى برامج جريئة، “مكنت المغرب من أن يصبح منتجا للطاقة من مصادر متجددة، في حين كانت البلاد ترتهن في السابق كليا إلى المصادر الخارجية لتلبية احتياجاتها الطاقية”.
وأبرز أن هذا “التركيز الجديد” الذي اعتمده المغرب أثمر 111 مشروعا للطاقات المتجددة تم الانتهاء منها بالفعل أو توجد قيد الإتمام، لتصل القدرة المركبة إلى 3,950 ميغاوات، أي ما نسبته 37 في المائة من مزيج الكهرباء بالبلاد.
وتمثل الطاقات المتجددة حاليا نسبة 20 بالمائة من إنتاج الكهرباء في البلاد، مما يقلل من معدل اعتماد المملكة على الطاقة بنسبة 10 نقاط ما بين 2009 و2023.
ولتحقيق ذلك، ركزت جهود المغرب على الاستثمار الكبير في البنيات التحتية والمشاريع الطموحة للغاية التي سرعت من عملية الانتقال الطاقي والاقتصادي إلى نموذج منخفض من حيث انبعاثات الكربون.
وبعد استعراضه للمبادرات التي تم إطلاقها على المستويين المؤسساتي والعملياتي، أشار الدبلوماسي المغربي، إلى أن “الاحتياجات الطاقية الهائلة للبلدان الأوروبية وقرب المملكة من هذه القارة يستشرف أفقا استثماريا واسعا جدا” في قطاع الطاقات المتجددة.
وخلص السفير المغربي إلى أن المملكة، التي جذبت استثمارات أجنبية بلغت قيمتها 6 مليارات دولار على مدى السنوات الـ 12 الماضية، بلورت إطارا قانونيا مبسطا وتحفيزات اقتصادية مشجعة لمواصلة جذب الاستثمارات في مجالات الطاقة الريحية، والغاز الطبيعي، والهيدروجين الأخضر.
وتناول المتدخلون الآخرون في الندوة، معضلات الطاقة في مختلف البلدان، لاسيما الأرجنتين، والشيلي، وبلجيكا، والنرويج.
وتبرُز هذه المعضلات المستعصية من التناقض بين الاحتياجات التي تفرضها الوتيرة المتسارعة للدورات الاقتصادية والإنتاجية وضرورات مكافحة تغير المناخ، والتي يدفع العالم بأسره ثمنها.