طالب، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، كريم الهمس؛ بتحديث هياكل وزارة التجهيز والماء وتطويرها ومنحها الموارد المالية الإضافية والتقنية والهندسية، لأجل بلورة سياسات استباقية وحلول مستقبلية لما ستعرفه بلادنا من متغيرات مناخية وتداعيات ذلك، فالكوارث والأزمات المتنبئ بحدوثها تستوجب استباقية الاشتغال من هذه اللحظة.
وأكد الهمس، في مداخلة له باسم الفريق خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز والماء بمجلس المستشارين، أن بلادنا عاشت على وقع مجموعة من الفيضانات نتيجة التغيرات المناخية الأخيرة، والتي مست أقاليم المغرب الشرقي وعدد من الجماعات بإقليم تازة كجماعة أكنول وتايناست وغيرها، فرضت واقعا جديدا يستوجب معه تكييف بناء المنشآت بناء على هذه التحولات، منها الاعتماد على طرق جديدة في البناء قادرة على الصمود أمام هذه الكوارث، وتقوية بناء السدود وإعادة توزيع الصغيرة والتلية منها، وبالتالي تدبير الفيضانات بكيفية أفضل مقارنة بالسنوات الماضية.
وأضاف رئيس الفريق أنه خلال الثلاثة أشهر الأخيرة تم تعبئة ما يناهز 500 مليون درهم لحماية المدن من الفيضانات، من بينها 178 مليون درهم لطاطا نظرا لحجم الأضرار التي لحقتها جراء الفيضانات الأخيرة، كما تم رصد 53 مليون درهم لكلميم، 153 مليون درهم لجهة درعة-تافيلالت، منها 49 مليون درهم لميدلت، و37 مليون لتنغير، وزاكورة 33 مليون درهم، مطالبا بضرورة الالتفاتة لإقليم تازة بشكل مستعجل حيث الفيضانات التي ضربت عددا من الجماعات بكل من أكنول وتايناست قبل أسابيع غير مسبوقة (80 ملمتر في الساعة)، مما هلك معه أشجار الزيتون والقناطر والطرق منها طريق ملال أكنول.
وشدد المتحدث ذاته على أن عدم التعاطي مع التشخيص السابق الذي حدد النقط السوداء الخطيرة بسبب الفيضانات المحتملة كانت تكلفته اليوم باهظة، كما أن البرنامج السابق لبناء السدود التلية لم يكن ناجحا بسبب غياب الدراسات القبلية، وهو ما أدى إلى عدد من المشاكل المالية والتقنية كالرفع من إجمالي التكاليف مقارنة بالتكاليف المبرمجة، بالإضافة إلى تموقع بعض السدود في غير محلها، داعيا للتنسيق مع وزارة الداخلية والجهات والجماعات على برنامج جديد خاص ببناء السدود التلية، وتدارك هذه المشاكل من خلال اختيار أماكن السدود الجديدة حتى يكون لها وقع إيجابي، لحماية المواطنين من الفيضانات.
وبخصوص قطاع الماء، أشار الهمس إلى أن الجهود التي بذلتها بلادنا مكنت من تطوير خبرة عالية تعد مرجعا عالميا في مجال إدارة وتدبير الموارد المائية، مبرزا أنه كان وراء هذا النجاح سياسة التحكم في الموارد المائية عن طريق تعبئتها، وسياسة التخطيط على المدى البعيد التي أطلقت مع بداية الثمانينات، وكذا تطوير الكفاءات التقنية والبحث العلمي، بالإضافة إلى الإطار التشريعي الملائم المصحوب بترسانة قانونية مهمة.
وقال المستشار البرلماني إنه رغم كل هذا، فإن هذا القطاع مازال يواجه عدة إكراهات ونقص وتأخر، يتمثل في انخفاض الواردات المائية، وتفاقم حدة الظواهر القصوى نتيجة التغيرات المناخية، في مقابل ارتفاع الطلب والاستغلال المفرط للثروة المائية الجوفية، بالإضافة إلى ضعف تثمين المياه المعبأة، وتلوث الموارد المائية الناجم عن التأخر الحاصل على مستوى التطهير السائل وتنقية المياه العادمة، وهو ما يؤكده حضور قضية الماء في الخطب الملكية حيث باتت تأخذ حيزا زمنيا مهما من هذه الخطب الملكية.
وأضاف أن جميع الخطط الاستثمارية والتدبيرية تأخذ الماء بعين الاعتبار، ما دفع الحكومة إلى الانخراط في هذا الورش من خلال إنجاز مجموعة من المشاريع المهيكلة، هذه المشاريع المائية الراهنة تستدعي تسريع وتيرة تشييدها لتفادي الخصاص المرتقب، كما تستدعي انخراط الجماعات الترابية وكافة المواطنين في هذا الورش الكبير للتنزيل الأمثل لأبرز مضامينه.