في هجوم سياسي مزدوج وعالي السقف، شن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، انتقادات حادة لمشروع قانون الانتخابات الجديد، معتبراً أن أبرز مقتضياته لا تخدم المسار الديمقراطي للمملكة. وفي كلمة مطولة بثها الحزب عبر منصاته الرقمية، حذر بنكيران من أن تجريم التشكيك في نتائج الانتخابات سيُفهم شعبياً على أنه “تمهيد لتزوير محتمل”، واصفاً في الوقت ذاته فكرة إحداث لوائح مستقلة للشباب بـ”الريع السياسي المقنّع” الذي يهدف إلى احتواء الغضب لا معالجة أسبابه.
وانطلق بنكيران من استغرابه الشديد لتضمين المشروع عقوبة سجنية تصل إلى خمس سنوات لمن يشكك في نزاهة الاقتراع، قائلاً بنبرة استنكارية: “كيف يمكن أن يصبح الشك جريمة؟ هذا أمر غير مفهوم ويتعارض مع الطبيعة البشرية”. واستشهد في هذا السياق بقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع ربه، مضيفاً: “حتى لو افترضنا أننا نثق في وزارة الداخلية مائة في المائة، فهل يُعقل أن يُمنع عنا حق الشك؟”. وأكد أن هذا التوجه سيغذي نظرية المؤامرة لدى الرأي العام، الذي “سيقول إن هؤلاء يستعدون لتزوير الانتخابات ويحمون أنفسهم مسبقاً بالقانون”، مذكراً بأن المغرب قد طوى صفحة التحكم في النتائج ولا يمكنه العودة إلى “زمن إدريس البصري”. ورغم تأكيده أنه ليس خصماً لوزارة الداخلية ويفهم طبيعتها كوزارة سيادة، شدد على أن واجبه كفاعل سياسي يفرض عليه التنبيه إلى ما يراه خطأ.
وفي المحور الثاني من كلمته، وجه بنكيران مدفعيته نحو مقترح إنشاء “لوائح الشباب المستقلين” الممولة من المال العام، معتبراً إياه “مقترحاً غير مفهوم وغير منطقي” ظهر فجأة بعد اجتماعات الأحزاب مع وزير الداخلية. وربط هذا المقترح بالاحتجاجات الأخيرة التي قادها الشباب، معتبراً أن الحل ليس “إسكاتهم بالأموال” عبر “ريع سياسي مقنّع”، بل في معالجة الأسباب الحقيقية لغضبهم، والتي حمل مسؤوليتها بشكل مباشر لرئيس الحكومة الحالي الذي “لا يعرف كيف يحكم، ولا كيف يتحدث، وهذه مصيبة”.
وانتقد بنكيران بشدة فكرة أن يكون البرلمان مكوناً من شباب تنقصهم الخبرة والتجربة، قائلاً: “البرلمان مكان يجب أن يدخله أصحاب الكفاءة والثقافة، وهذا لا يتوافر عادة في الشباب في بداياتهم”، محذراً من أن هذا المقترح سيفتح الباب أمام فوضى انتخابية وبرلمان ضعيف. ودعا الأمين العام لحزب “المصباح” إلى “العودة إلى المعقول”، مؤكداً أن الحل يكمن في حكومة جادة تخدم الصالح العام، وفي تمكين الأحزاب السياسية من إدراج الشباب والنساء في لوائحها بشكل طبيعي، لا عبر خلق كيانات موازية تضعف العمل السياسي المنظم وتكرس منطق الريع.







