كشف تقرير حقوقي حديث، صادر عن “الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة” بوجدة، عن واقع إنساني كارثي يعيشه المهاجرون على الحدود الشرقية للمملكة وفي مسارات الهجرة المحفوفة بالمخاطر. التقرير، الذي حصلت هسبريس على نسخة منه، يرسم صورة قاتمة لمصير مئات الأفراد العالقين بين مطرقة العنف وسندان المصير المجهول، ويدق ناقوس الخطر حول تفاقم أزمة إنسانية تتكشف فصولها بعيداً عن الأضواء.
وتترجم هذه الصورة القاتمة إلى أرقام صادمة وثقتها الجمعية خلال فترة لم تتجاوز خمسة أشهر، حيث عالجت 299 ملفاً لحالات مختلفة. ومن بين هذه الحالات، تم تسجيل 79 حالة اختفاء في مناطق متفرقة تمتد من ليبيا والجزائر وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى احتجاز 29 شخصاً، 50 منهم في الجزائر وحدها، ناهيك عن تسجيل 4 وفيات مأساوية في محيط وجدة. هذه الأرقام تحول طرق الهجرة إلى ما وصفه التقرير بـ”مسارات للموت”، حيث تبدأ المخاطر من الصحراء القاحلة ولا تنتهي عند أمواج البحر الغادرة.
لكن الأرقام لا تحكي القصة كاملة، إذ يغوص التقرير في تفاصيل المعاناة اليومية التي يعيشها هؤلاء الأفراد، والتي تتخذ أشكالاً متعددة من “العنف والجوع والمرض”، فضلاً عن تعرضهم المستمر للاحتيال والسرقة والاعتداءات على أيدي شبكات التهريب. كما يسلط الضوء على خطر “انقلاب القوارب” الذي يودي بحياة العشرات، منتقداً بشدة “خطاب الكراهية والعنصرية” الذي يكرس صوراً نمطية سلبية ويجرّد المهاجرين من إنسانيتهم.
وإلى جانب المخاطر الميدانية، يشير التقرير إلى أوجه القصور على المستويين الإعلامي والقانوني، حيث انتقد التغطية الإعلامية السطحية التي لا تتعمق في الأسباب الحقيقية للهجرة، مثل الفقر والبطالة وغياب الحقوق. وعلى الصعيد التشريعي، طرح التقرير تساؤلاً جوهرياً حول مدى ملاءمة القانون 02-03 المتعلق بالهجرة، متسائلاً: “هل نحن بحاجة إلى إصلاحه؟”، في دعوة صريحة لمراجعة الإطار القانوني بما يتماشى مع حقوق الإنسان والقانون الدولي.
وفي ختام ندائها العاجل، دعت الجمعية الحكومات والمنظمات الدولية إلى الاعتراف بحجم هذه المأساة الإنسانية، والعمل على إيجاد حلول مستقبلية قائمة على التوعية والمصالحة، مؤكدةً على ضرورة وضع كرامة الإنسان وحقه في الحياة كأولوية قصوى، لإنهاء فصول المعاناة الصامتة التي يعيشها المئات على أبواب أوروبا.







