لا يزال الخط الرابط بين مدينتي وجدة والناظور بجهة الشرق يشكل استثناءً سلبياً في منظومة النقل الطرقي بالمغرب، حيث يجد المسافرون أنفسهم مضطرين لركوب رحلة “عذاب” حقيقية تمتد لساعتين فوق مقاعد سيارات أجرة قديمة من صنف “مرسيدس”. هذا الواقع المرير يتمثل في إصرار المهنيين على العمل بمنطق “الزمن الغابر”، عبر حشر 7 أشخاص في مركبة واحدة (6 ركاب بالإضافة إلى السائق)، في مشهد يضرب كرامة المواطن في مقتل ويجعل من السفر بين كبرى حواضر الشرق تجربة محفوفة بالتعب والإحراج الاجتماعي.
المعاناة تبدأ من “قاعدة توزيع المقاعد” التي يفرضها أصحاب هذه السيارات، حيث يتم حشر شخصين في المقعد الأمامي بجانب السائق، وأربعة ركاب في المقعد الخلفي، مما يجعل الجميع في وضعية تكدس غير إنسانية داخل سيارة متهالكة تفتقر لأبنى مقومات الراحة. هذا الاكتظاظ لا يسبب آلاماً جسدية فحسب بسبب ضيق المساحة وطول المسافة التي تزيد عن 140 كيلومتراً، بل يتعداه إلى إحراج اجتماعي شديد، خاصة حين تضطر النساء للجلوس في تلامس مباشر واحتكاك لا مفر منه مع الرجال بسبب ضيق “الكنابي”، وهو ما يولد حالة من عدم الارتياح والمشاحنات التي تفسد الرحلة.
وإلى حدود اليوم، يطرح استمرار هذا الصنف القديم من السيارات في خط حيوي كخط “وجدة-الناظور” علامات استفهام كبرى حول جدية إصلاح قطاع سيارات الأجرة بالجهة؛ فبينما استبدلت جل المدن المغربية أسطولها بسيارات حديثة (7 مقاعد مريحة)، لا يزال المسافر في جهة الشرق “رهينة” لعلب حديدية مهترئة تسلب منه كرامته وراحته. إنها صرخة مواطنين يطالبون برفع هذا “الحصار” عن جودتهم المعيشية، ويدعون السلطات للتدخل العاجل لفرض تحديث الأسطول وأنسنة النقل، لإنهاء حقبة “طحن الركاب” في سيارات لم تعد تصلح لشيء سوى أن تكون قطعاً في متحف للذكريات الأليمة







