العفو الملكي بين الجانب الانساني ،والتصدي للاقصاء التاريخي ،والاندماج الاستراتيجي في المسار التنموي لاقاليم من المملكة
اصدار ملك البلاد في اطار الاختصاصات المنوطة به طبقا للفصل 58 من الدستور عفوه على أكثر من 4800 شخصا من المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي له عدة دلالات ومقاصد منها ما هو انساني ومنها ما هو استراتيجي اقتصادي مواكب للمسار التنموي للبلاد ،
مبادرة ملكية تنضاف الى تقنين القنب الهندي المعتبر خطوة جبارة في مواجهة الإقصاء التاريخي والاضطهاد الاقتصادي المرتبط تاريخيا بالنبتة المحظورة ومآسي الفلاحين ، والحد من هجرة الشباب المحبط الفاقد لحرية الاختيار المعرض لمختلف ابتزازات المافيات العالمية ، وفي ذلك رفع الحيف البين عن شريحة من المواطنين وادماجها اقتصاديا واجتماعيا في المسار التنموي
علما انه من الامور التي يؤسف لها، ان البعض لا يفرق بين المخدرات المحظورة والاستعمالات الترفيهية للقنب الهندي التي يعاقب عليها القانون، والتي لم يرفع عنها التجريم القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي ،وبين الاستعمالات الطبية العلاجية الصيدلية والصناعية المشروعة المعنية بالتقنين والذي ينظم عملية منح التراخيص للمزارعين وتنظيمهم بما يضمن إعادة توجيه الإنتاج إلى الاستعمالات الطبية والصناعية، وذلك لإدخال عمليات إنتاجه ضمن دائرة تسمح للدولة بالمراقبة والضبط وجني الفوائد الاقتصادية والاقلاع التنموي ورفع الحيف عن جهات تعرضت لاقصاء تاريخي وتمكينها من اقلاع اقتصادي واجتماعي مع القطع مع الابتزاز والمصالحة مع مؤسسات الدولة ووأد ماض أليم مثخن بالجراح !
وبغض النظر عن الجوانب الإنسانية التي يتحلى بها ملك البلاد ،الصدر الحنون المحتضن لمختلف شرائح شعبه شرقا وغربا شمالا وجنوبا فإن العفو الملكي سيمكن المشمولين به من الاندماج في الاستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية إثر تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي و نتائج هيكلة انشطتها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تصنيع وتحويل وتصدير القنب الهندي واستيراد منتوجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية، وكذا المساهمة في تطوير الزراعات البديلة والأنشطة غير الفلاحية”.
و لقد اثبتت التجربة المقارنة في العالم مثلا في ولاية الكولورادو Colorado التي قننت القنب الهندي منذ عشر سنوات ان تقنين عملية اقتناء وبيع هذه المادة كان جد إيجابي ،ذلك انه بالاضافة الى كونه رفع من مداخيل خزينة الدولة اربع مرات ، فان حوادث السير لم ترتفع قط كما ان عدد الجرائم المرتبطة بتناول المخدرات انخفض بمعدل 52 في المائة ،
الأكثر من ذلك فانه في إطار استثمار المداخيل المتحصل عليها من عملية تقنين القنب الهندي تم ضخ المبالغ في التربية والتكوين وكذلك في تقوية الجهاز الأمني وتحسين ورفع اجور رجال الأمن ومحاربة الجريمة كما انه تم القضاء على جميع العمليات غير المشروعة ووسطاء المخدرات الذين كانوا يجنون أموالا طائلة في إطار غير مشروع ، كما انه وقع تحسيس الشباب بمخاطر تناول هذه المادة الى حدود سن 25 سنة لما للمادة من تاثير على الجهاز العصبي ، علما ان المخدرات الصلبة ممنوعة منعا تاما لما لها من اثار مدمرة للصحة والمجتمع .
وإذا كانت معظم الولايات المتحدة الأمريكية قننت القنب الهندي كما قننته كندا وهولندا وأستراليا والنمسا وبلجيكا بنسبة ثلاث غرام و كرواتيا و ليسطوانيا و إيطاليا واللوكسمبرغ والمكسيك والبرتغال بنسبة 25 غرام واسبانيا التي سمحت بالتدخين في أماكن خاصة مسموح به ولكن في أماكن عامة يتم العقاب بغرامة قدرها 30000 أورو في حين هناك نوادي غرس القنب الهندي
بالاضافة الى عدم التجريم في سويسرا
نستنتج من هذه الملاحظات ان المغرب الذي له مساحات من القنب الهندي وعانت جهات من الارتباك بسببه فان التقنين بالنسبة اليه كان ايجابيا ومفيدا ، وانه سينهي مع مرحلة مبصومة بالابتزاز و بمعاناة الفلاحين واغتناء بارونات ووسطاء على حساب الضعفاء
المغرب سيتمكن من الاستفادة من الفرص التي تتيحها السوق العالمية للقنب الهندي المشروع بالنظر لمؤهلاته البشرية والبيئية، علاوة على الإمكانيات اللوجستيكية والموقع الاستراتيجي للمملكة القريب من أوروبا التي تعد الأكثر إقبالا على منتوجات القنب الهندي من اجل الاستعمالات الطبية الصناعية الصيدلية و العلاجية !
ذ.سليمة فراجي
محامية
نائبة برلمانية سابقة