تحوّل محيط جامعة محمد الأول بوجدة، الذي يعج بالحياة والحركة الطلابية، إلى مصدر قلق حقيقي لدى آلاف الطلبة وأوليائهم، ليس بسبب الاكتظاظ أو غلاء الأسعار، بل بسبب الخطر الصحي الصامت الذي يرافق بعض المأكولات السريعة المعروضة في عدد من المحلات المنتشرة بالمنطقة.
ففي هذا الفضاء الذي يُفترض أن يكون بيئة آمنة ومريحة لجيل المستقبل، دقت فعاليات طلابية وجمعوية ناقوس الخطر بشأن تدني جودة بعض الوجبات المقدمة، خاصة ما يتعلق بطرق استعمال الزيوت في القلي. وحسب ما عاينته “كويك بوست” خلال جولة ميدانية في أوقات الذروة، يتم أحياناً إعادة استخدام زيت القلي لفترات طويلة، مما يغير لونه ويؤثر على رائحته، ويطرح بذلك تساؤلات حول شروط السلامة الغذائية المعتمدة.
يقول “م. ك”، طالب بكلية العلوم: “نحن مضطرون للأكل هنا بسبب الأسعار المناسبة، لكننا في كثير من الأحيان نشعر بآلام في المعدة، ونربطها بجودة الأكل والزيوت المستعملة.”
ويؤكد خبراء التغذية أن تسخين الزيوت مرات متعددة ولمدد طويلة يؤدي إلى إنتاج مركبات كيميائية ضارة بالصحة، من بينها مركبات قد تكون مسرطنة، فضلاً عن الدهون المتحولة المسببة لأمراض القلب وارتفاع الكوليسترول. وهو ما يجعل هذه الظاهرة قضية صحة عامة تستوجب اهتماماً عاجلاً من الجهات المعنية.
هذا الوضع يثير تساؤلات مشروعة حول مستوى المراقبة الصحية في هذه المنطقة الحيوية، خصوصاً من طرف المصالح المختصة التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) والسلطات المحلية بمدينة وجدة.
ويأمل العديد من الطلبة والفاعلين الجمعويين أن تتعزز حملات المراقبة الميدانية وأن تشمل هذه الفضاءات التي تعرف إقبالاً كبيراً يومياً.
وقال أحد الفاعلين الجمعويين بالمدينة، فضل عدم ذكر اسمه: “التحسيس والرقابة المنتظمة ضروريان لحماية الطلبة. هذه الفئة تعتمد على هذه المحلات يومياً، ومن حقها أن تطمئن إلى سلامة ما تستهلكه.”
وفي انتظار تدخل فعلي ومستدام، تبقى المسؤولية جماعية — بين البائعين، والمستهلكين، والجهات المكلفة بالمراقبة — لضمان فضاء غذائي آمن يحمي صحة الطلبة ويصون كرامتهم.
المعطيات الواردة في هذا المقال مستمدة من ملاحظات ميدانية وشهادات طلابية وجمعوية، ولا تُعتبر اتهامًا لأي جهة، بل دعوة إلى تعزيز المراقبة الصحية لحماية المستهلكين






