كشف الدكتور هشام الكبير، الصيدلاني وعضو المكتب التنفيذي لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، عن معطيات صادمة تتعلق بالسياسة الدوائية بالمغرب، معتبراً أن الخلل الحقيقي الذي يرهق جيوب المواطنين وصناديق التغطية الصحية يكمن في فئة محددة من الأدوية باهظة الثمن، والتي غالباً ما تباع خارج المسالك القانونية للصيدليات.
وفي تصريح له، أوضح الدكتور الكبير أن النقاش الدائر حول تسعيرة الدواء يجب أن يركز على الأولويات الصحيحة بدلاً من تعميم الأحكام. وقال: “من بين أكثر من 5000 دواء مرخص للبيع في السوق الوطني، هناك 150 دواء فقط هي التي تستنزف ما يقارب 54% من ميزانية التعويضات التي تقدمها صناديق التغطية الصحية. هذه الأدوية هي التي تخلق المشكلة الحقيقية وتشكل عبئاً على المنظومة الصحية بأكملها”.
وأضاف المتحدث أن المفارقة الكبرى تكمن في أن هذه الأدوية الباهظة، التي تعالج أمراضاً مستعصية وتتجاوز أثمانها آلاف الدراهم لتصل إلى ملايين السنتيمات، “لا تباع عموماً في الصيدليات”، بل يتم تداولها خارج إطارها القانوني، مما يشكل “مساً بالحقوق الأساسية للصيدلي، الذي يعتبر المسار الشرعي والآمن لتسليم الدواء تحت إشرافه”.
وأكد الكبير أن معاناة المواطن لا تكمن في الأدوية التي يتراوح سعرها بين 20 و300 درهم، بل تبدأ عندما يجد نفسه عاجزاً عن ولوج علاج يكلفه آلاف الدراهم. وقال: “المشكل لم يعد مجرد نقاش حول ثمن الدواء، بل تحول إلى معاناة إنسانية حقيقية عندما لا يستطيع المريض الوصول إلى علاجه الضروري. من هنا، يجب على السياسة العمومية أن تركز جهودها على معالجة هذا الخلل بشكل حكيم ورشيد لتخفيف العبء عن المواطنين وصناديق التأمين”.
وشدد الدكتور الكبير على ضرورة “تطهير المنظومة الصحية” من هذه الخروقات التي تهدد التوازنات المالية للورش الملكي المتعلق بتعميم التغطية الصحية الشاملة. واعتبر أن نجاح هذا المشروع الوطني الكبير رهين بوجود شجاعة حقيقية لمعالجة هذه الاختلالات التي يستفيد منها البعض على حساب صحة المواطنين واستقرار المنظومة.
يأتي هذا التصريح في سياق إعلان الصيادلة عن حركة احتجاجية تصعيدية، تتضمن حمل شارات سوداء ووقفة وطنية أمام وزارة الصحة، رداً على ما وصفوه بتجاهل الوزارة لملفهم المطلبي الذي ظل عالقاً لعقدين من الزمن، وعدم احترامها للمقاربة التشاركية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالقطاع.