بينما تتصاعد المخاوف الإقليمية من تفشي الجراد الصحراوي في دول الجوار، يترقب المغرب بقلق بالغ التطورات، وسط تحذيرات من أن المملكة قد تكون على موعد مع غزو مدمر للمحاصيل الزراعية.
فقد أثار الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب ناقوس الخطر، مؤكدًا أن انتشار الجراد في كل من ليبيا وتونس والجزائر يمثل تهديدًا وجوديًا للأمن الغذائي في المغرب. وأشار النواب إلى أن هذه الآفة القادرة على استهلاك كميات هائلة من المحاصيل في وقت وجيز، تتكاثر بسرعة جنونية، متجاوزةً كافة الظروف البيئية والمناخية.
“الوضع يستدعي أقصى درجات الحذر واليقظة”، صرح النائب [اسم النائب]، مضيفًا: “لا يمكننا أن ننتظر حتى يصل الجراد إلى حدودنا لنتحرك. يجب علينا اتخاذ تدابير استباقية لحماية مزارعنا وضمان قوت المغاربة”.
هذا القلق يتردد صداه بقوة في أوساط الفلاحين، خاصةً في المناطق الجنوبية والشرقية من المملكة. فقد عبّر العديد منهم عن مخاوفهم العميقة بشأن مستقبل محاصيلهم، بعد ورود تقارير غير مؤكدة عن رصد بعض حشرات الجراد في إقليم طاطا.
“نحن نعيش حالة من الرعب الحقيقي”، يقول [اسم فلاح من طاطا]، وهو يمسح عرقه عن جبينه: “لقد استثمرنا كل ما نملك في هذه الأرض، ولا يمكننا أن نتحمل خسارة محاصيلنا بسبب الجراد. نأمل أن تتحرك الحكومة بسرعة لحمايتنا”.
وفي هذا السياق، وجه الفريق النيابي أسئلة حارقة للحكومة حول التدابير الاستباقية المتخذة لحماية الزراعات الوطنية من أي غزو محتمل للجراد. وتضمنت الأسئلة المطروحة استراتيجية الحكومة لمكافحة هذه الآفة، والموارد المتاحة من المبيدات والمعدات، والتنسيق مع الدول المجاورة لتبادل المعلومات والخبرات.
من جهتها، أكدت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أنها تتابع الوضع عن كثب، وأنها على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ. وأشار مسؤول بالوزارة، فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن “المغرب يمتلك خطة عمل متكاملة لمكافحة الجراد، تتضمن نظامًا للرصد والاستكشاف، وتدريبًا للعاملين، وتوفيرًا للمبيدات اللازمة”.
إلا أن هذا التطمين لم ينجح في تهدئة المخاوف المتزايدة. فالعديد من الخبراء يرون أن مكافحة الجراد تتطلب جهودًا إقليمية ودولية منسقة، وأن أي تأخير أو تقاعس قد تكون له عواقب وخيمة على الأمن الغذائي في المنطقة بأسرها.
“الجراد لا يعترف بالحدود”، يقول الدكتور [اسم خبير في مكافحة الآفات]، محذرًا: “إذا لم نتعاون جميعًا لمكافحة هذه الآفة، فقد نجد أنفسنا أمام كارثة زراعية حقيقية”.
وبينما تتواصل الجهود لمراقبة الوضع وتقييم المخاطر، يبقى الأمل معلقًا على أن يتمكن المغرب من تجنب هذا الغزو المدمر، وأن تتضافر الجهود لحماية الفلاحين وضمان الأمن الغذائي للمغاربة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل نحن مستعدون حقًا لمواجهة هذا التحدي؟ وهل ستكون التدابير المتخذة كافية لدرء خطر الجراد الزاحف؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.