تستفحل، مع كل موسم جامعي جديد، ظاهرة الارتفاع غير المسبوق في أسعار كراء الشقق الموجهة للطلبة بمحيط جامعة محمد الأول بوجدة، حيث يجد آلاف الطلبة أنفسهم أمام سوق غير مُنظّم تتحكم فيه شبكات من الوسطاء، في غياب أي إطار يضمن شروط الشفافية أو حماية المستأجرين من الفئات الهشة.
هذه الفوضى، التي وقفت عليها جريدة كويك بوست خلال جولة ميدانية، تكشف عن واقع مرّ يضاعف أعباء الطلبة، خاصة المنحدرين من أسر محدودة الدخل، الذين يجدون أنفسهم مضطرين للقبول بخيارات سكنية تفتقر في كثير من الأحيان لشروط الراحة، رغم التكلفة المرتفعة.
وفي اتصال هاتفي مع أحد الوسطاء النشطين بالمنطقة، أوضح أن “النموذج السائد اليوم لم يعد يعتمد على كراء الشقة كاملة، بل على تقسيمها وتأجير كل غرفة على حدة”، مشيرًا إلى أن سومة الغرفة الواحدة تتراوح بين 1000 و2000 درهم بحسب الموقع ومساحة الشقة. هذا النموذج يرفع الثمن الإجمالي للشقة—غير المفروشة في غالب الأحيان—إلى ما بين 3000 و5000 درهم شهريًا، وهو مبلغ يتجاوز بكثير القدرة الشرائية لغالبية الطلبة.
وتفيد معطيات حصلت عليها الجريدة بأن عدداً من الوسطاء يعمدون إلى اكتراء شقق أو عمارات كاملة من مالكيها الأصليين، غالبًا من أفراد الجالية المغربية بالخارج أو مستثمرين، بأثمنة تتراوح بين 2000 و3000 درهم، قبل إعادة تأجيرها للطلبة وفق نظام “الغرف”، بما يحقق أرباحًا مهمة. ويعكس هذا الوضع غياب آليات واضحة لضبط السوق أو مراقبة هذه الأنماط من المعاملات.
ولا تقتصر معاناة الطلبة على الجانب المالي، بل تمتد لتشمل البعد الاجتماعي، حيث يضطر بعضهم للابتعاد عن محيط الجامعة بحثًا عن بيئة هادئة، تفاديًا للضجيج أو الأنشطة غير المناسبة للدراسة التي تعرفها بعض العمارات القريبة. كما أن انتشار نمط “السكن المختلط” يخلق تحديات إضافية، إذ يصعب على الطلبة الباحثين عن شقق مخصصة بالكامل لأسرهم أو لهم وحدهم العثور على خيارات تناسب ميزانياتهم، أمام تفضيل الوسطاء لنظام الغرف الأكثر مردودية.
وفي المقابل، يلجأ آخرون إلى السكن بالأحياء البعيدة، حيث لا يتجاوز ثمن الشقة 1600 درهم، غير أن هذا الحل يفرض عليهم مصاريف إضافية للنقل ويؤثر على وقتهم الدراسي.
وفي انتظار تدخل الجهات المختصة لوضع حد لهذه الفوضى وتنظيم سوق الكراء الموجه للطلبة، يظل الطالب بمدينة وجدة في مواجهة مباشرة مع أسعار لا تتناسب مع وضعه الاجتماعي، ومع واقع سكني يفتقر لأبسط شروط الإنصاف والوضوح.





