في أجواء علمية وروحانية مميزة، شهدت الزاوية الكركرية بمدينة العروي، مساء أمس، حدثاً ثقافياً بارزاً تمثل في حفل توقيع المؤلفات الجديدة لشيخ الطريقة، محمد فوزي الكركري. الحفل الذي عرف حضوراً دولياً لافتاً لمريدين وباحثين وأكاديميين من مختلف بقاع العالم، تم خلاله الكشف عن كتابين نوعيين هما “سر الكلمة” و”أصول القسمة بلام العصمة”، واللذين يطرحان رؤى عميقة تربط بين التراث الصوفي وقضايا العصر الراهنة.
الحضور المكثف من شخصيات علمية وروحية، ومهتمين بالفكر الإنساني المعاصر، عكس الإشعاع المتزايد للطريقة الكركرية على الصعيدين الوطني والدولي، وأبرز أهمية هذه الإصدارات في تقديم إجابات روحية للتحديات الفكرية الجديدة.
ويُعد كتاب “سر الكلمة” إسهاماً فكرياً رائداً، حيث يقيم حواراً جريئاً وغير مسبوق بين التصوف والذكاء الاصطناعي. يطرح الشيخ الكركري من خلاله أن العقل البشري لا يبلغ كماله إلا بفهم “سر الكلمة” المتجلي في الأسماء الإلهية، منتقداً في الوقت ذاته محدودية الذكاء الاصطناعي الحالي الذي يفتقر إلى البعد الروحي. ويدعو المؤلف إلى ضرورة بناء آلة تستند إلى “العقل المُزكّى”، لتكون وسيلة رحمة وخدمة للبشرية، لا أداة تزيد من وبالها.
أما كتاب “أصول القسمة بلام العصمة”، فيغوص في أعماق السلوك الروحي للمريد، كاشفاً عن سبعة أصول كبرى تُعتبر مدار الطريق الصوفي. ويهدف الكتاب إلى تمكين المريد من ذوق حقيقة “القسمة”، حيث يتلقى القلب الأسرار الربانية عبر الوصل النوراني بالشيخ، باعتباره مجلى الاسم الأعظم ومحفوظاً بالعصمة.
وتأكيداً على البعد العالمي للرسالة، صدرت المؤلفات باللغتين العربية والفرنسية، بهدف نشر هذا الإرث الفكري والروحي في أوسع نطاق، وتمكين القراء الناطقين بالفرنسية من الاطلاع على تجربة صوفية تجمع بين الأصالة والانفتاح.
وقد اختُتم الحفل، الذي شكل جسراً جديداً للتواصل بين الثقافات، بتوقيع الشيخ لنسخ من الكتابين للحاضرين، وسط تبادل لكلمات الشكر التي أكدت على أن مثل هذه اللقاءات العلمية تعزز قيم المحبة والسلام التي يدعو إليها التصوف الكركري المغربي الأصيل.