أكد المبعوث التجاري للوزير الأول البريطاني إلى المغرب وغرب إفريقيا، بن كولمان، أن المغرب حقق “تقدما اقتصاديا ملحوظا” تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مما مكن المملكة من تعزيز تموقعها على الساحة الدولية.
وقال السيد كولمان، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء صاحب الجلالة عرش أسلافه الميامين “قمت مؤخرا بزيارة إلى المغرب رفقة وزير الخارجية البريطاني، وقد انبهرت بوتيرة وحجم التنمية التي تحققت في المملكة تحت قيادة جلالة الملك”.
وفي هذا السياق، أشار المسؤول البريطاني إلى النموذج التنموي الجديد والإصلاحات الهيكلية الكبرى التي أطلقها المغرب، والتي قال إنها ساهمت في تعزيز البنيات التحتية بالبلاد، دون إغفال قطاعات محورية أخرى. وبالنسبة للسيد بن كولمان، فالأمر يتعلق بتطور له تداعيات ملموسة على المسار التنموي للشعب المغربي.
وأبرز السيد كولمان أن الدينامية التنموية التي يشهدها المغرب في كافة المجالات، تفتح آفاقا واعدة لتعزيز التعاون الثنائي بين الرباط ولندن، وهو تعاون تم الارتقاء به إلى مستوى “شراكة معززة”، كما ورد في البيان المشترك الصادر بمناسبة زيارة وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، إلى المغرب مطلع يونيو المنصرم.
وأوضح أن هذا البيان المشترك يرسم الطريق لتطور هذه الشراكة الجديدة المغربية-البريطانية في مجالات متعددة، من بينها على الخصوص الصحة والطاقات المتجددة والنقل والصفقات العمومية والمطارات والتغير المناخي.
وتابع أن تنظيم المغرب لكأس العالم لكرة القدم 2030، بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، يشكل فرصة إضافية لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات واعدة أخرى.
وقال السيد كولمان بهذا الخصوص “ما أنجزه المغرب من خلال الإصلاحات التي مهدت لتنظيم كأس العالم هو بحق إنجاز باهر ومثير للإعجاب”.
وأشار إلى أن الخبرة البريطانية لاسيما في تنظيم تظاهرات رياضية كبرى، مثل الألعاب الأولمبية وكأس العالم، تتيح للمملكة المتحدة فرصة للتعاون مع المغرب، خاصة في ما يتعلق بتصميم المشاريع، سواء كانت ملاعب أو منشآت بنية تحتية أو تدبير خدمات الضيافة.
واعتبر أن الفرص المتاحة لا تقتصر فقط على كأس العالم، بل تمتد إلى العديد من المجالات الأخرى التي تشكل أرضية مثالية للتعاون الثنائي.
ولفت إلى أن وكالة الائتمان البريطانية “UK Export Finance” رصدت اعتمادات بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني لدعم مشاريع في المغرب، على أن لا تقل نسبة المساهمة البريطانية في هذه المشاريع عن 20 بالمائة.
وأوضح أن هذه المبادرة تغطي مجالات متعددة مرتبطة بتنظيم كأس العالم، فضلا عن مشاريع أخرى استراتيجية، مؤكدا أن الأمر يتعلق بتجسيد إرادة مشتركة بين المغرب والمملكة المتحدة للدفع بالتعاون نحو آفاق أرحب.
وشدد السيد كولمان على أن التعاون بين المغرب وبريطانيا لا يقتصر فقط على هذا الحدث العالمي وما يرافقه من مشاريع، بل يمتد إلى قطاعات واعدة أخرى، مذكرا بأن المبادلات التجارية بين البلدين بلغت أعلى مستوى لها منذ توقيع اتفاق الشراكة الثنائية سنة 2019.
وأضاف المسؤول، الذي يعد أحد أعضاء فريق يضم 32 مبعوثا تجاريا للحكومة البريطانية، أن ” عهدا جديدا للتعاون بين المغرب وبريطانيا يلوح في الافق”، مؤكدا أنه لن يدخر جهدا، في إطار مهمته كمبعوث تجاري للمغرب وغرب إفريقيا، من أجل الإسهام في تعزيز التعاون بين البلدين. وأشار إلى أن مجالي الدفاع والأمن يندرجان بدورهما ضمن أولويات الشراكة الاستراتيجية بين الرباط ولندن.
وفي سياق متصل، سلط السيد كولمان الضوء على الدور المحوري الذي يضطلع به المغرب من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية في منطقة الساحل، وعلى مستوى القارة الإفريقية بأسرها.
وقال في هذا الشأن “لدى المغرب علاقات عميقة مع القارة الإفريقية، ويلعب دورا متميزا كبوابة بين إفريقيا وأوروبا”، مشيرا إلى أن الحكومة البريطانية نوهت، خلال زيارة وزير الخارجية البريطاني إلى الرباط، بالجهود التي يبذلها المغرب من أجل إرساء السلام والاستقرار والتنمية السوسيو-اقتصادية في المنطقة.
كما أشاد بالمبادرة الأطلسية، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تروم تمكين بلدان الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، مبرزا أن هناك الكثير مما يمكن استخلاصه من التجربة المغربية من أجل دعم السلام والتنمية الاقتصادية في هذه المنطقة التي تشهد ظروفا صعبة.
وأردف السيد كولمان قائلا “أعتقد أن المغرب يضطلع بدور بالغ الأهمية في المنطقة، والحكومة البريطانية ترغب في دعم هذا الدور والعمل مع المغرب لاستثمار الفرص المتاحة ومواكبة الدول الإفريقية من أجل تحقيق طموحاتها، وفق شراكة ملائمة وفي إطار من الاحترام المتبادل”.
وأضاف أن المغرب والمملكة المتحدة سبق لهما أن اشتغلا معا على مشاريع في غرب إفريقيا، معربا عن أمله في تعزيز هذا التعاون مستقبلا في مجالات مثل الطاقات المستدامة وتدبير المياه والبنيات التحتية.
وأكد السيد كولمان أن “التعاون بين المغرب والمملكة المتحدة يمكن أن يكون مفيدا للغاية، خاصة في مجالات مثل التمويل والطاقات المتجددة والمياه والبنيات التحتية”، مضيفا: “آمل أن نتمكن من تحقيق إنجازات كبيرة معا، لفائدة بلدينا ولصالح العديد من بلدان المنطقة”.
وبخصوص دعم المملكة المتحدة لمخطط الحكم الذاتي كأساس لتسوية النزاع المفتعل حول الوحدة الترابية للمملكة ، والذي تعتبره لندن “الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية”، وصف السيد كولمان هذا الموقف بأنه “خطوة في الاتجاه الصحيح”.
وقال: “سيفتح هذا الموقف محطة جديدة في مسار العلاقات المغربية-البريطانية، التي تميزت دائما بقوتها ومتانتها”. وفي هذا الصدد، أبرز المسؤول البريطاني أن العلاقات الممتازة التي تجمع بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وصاحب الجلالة الملك تشارلز الثالث تشكل ضمانة لمزيد من التقارب بين المملكتين.
واستحضر السيد كولمان عمق الروابط التاريخية بين البلدين، مذكرا بأن العلاقات بين المملكتين تمتد لأزيد من 800 سنة، وبأن أول اتفاق تجاري بين المغرب والمملكة المتحدة أُبرم قبل أزيد من 300 سنة، ليختم بالقول: “نحن الآن مستعدون لفتح صفحة جديدة من هذه الشراكة المتينة”.