في تصريح أثار عاصفة من الجدل، أقرّ المعارض الجزائري البارز، سعيد بن سديرة، بالهزيمة السياسية والدبلوماسية لبلاده في ملف الصحراء المغربية، مؤكدًا أن المغرب حسم المعركة لصالحه بفضل رؤية ملكية حكيمة واستقرار مؤسساتي فريد. فجّر بن سديرة، في مداخلة حديثة، قنبلة سياسية حين اعترف بأن “الجزائر خسرت معركة الصحراء المغربية”، وأن المغرب لم يكتفِ بتثبيت سيادته عليها، بل أصبح “يده على الصحراء المغربية ، في إشارة إلى أن بؤرة الصراع الحقيقية انتقلت إلى مناطق بشار وتندوف التي يعتبرها جزءًا من النقاش المستقبلي.
بحسب بن سديرة، يكمن سر الانتصار المغربي في عاملين رئيسيين: الإشراف الشخصي والمباشر لجلالة الملك محمد السادس، على هذا الملف الاستراتيجي، والاستقرار الذي تتمتع به المؤسسات المغربية. وأوضح أن الدبلوماسية المغربية، بقيادة ناصر بوريطة لأكثر من عقد، تعمل كفريق منسجم ينفذ رؤية ملكية واضحة المعالم، تجمع بين هدوء الخطاب وصلابة الفعل. هذا النهج أثمر إنجازات دبلوماسية كبرى، بدءًا بالاعتراف الأمريكي التاريخي بمغربية الصحراء، ومرورًا بالدعم الدولي المتزايد الذي تجسد في افتتاح أكثر من 30 قنصلية في مدينتي العيون والداخلة. لقد نجح المغرب في فرض واقع جديد على الأرض، مدعومًا بالشرعية التاريخية والسيادة الفعلية، بينما غرقت الجزائر في وحل الشعارات والاتهامات الجوفاء.
في المقابل، يرسم بن سديرة صورة قاتمة للدبلوماسية الجزائرية، التي وصفها بأنها “بنت سياستها الخارجية على سردية عاطفية وأكاذيب فقدت صداها”. فبدلًا من قراءة الواقع والتعامل مع التحولات الجيوسياسية، تمسكت الجزائر بخطاب انفصالي متجاوز، وراهنت على أوهام لم تعد تقنع أحدًا. وأضاف أن التغيير المستمر للمسؤولين في الجزائر جعل سياستها الخارجية متخبطة وبلا ذاكرة مؤسساتية، حيث يبدأ كل وزير من نقطة الصفر. هذا التخبط، الذي استمر لنصف قرن، جعل الجزائر “تلاحق السراب”، وتعيد إنتاج نفس الفشل بنفس الأدوات القديمة.
يمثل اعتراف بن سديرة تحولًا لافتًا في خطاب المعارضة الجزائرية، وبداية إقرار بأن معاداة المغرب كانت استراتيجية فاشلة قائمة على الوهم لا على الحقائق. ففي الوقت الذي كان المغرب يبني فيه تحالفاته ويعزز مصداقيته بالعمل الهادئ، كانت الجزائر تهدر مواردها في معركة خاسرة. اليوم، أصبحت مغربية الصحراء حقيقة راسخة قانونًا وواقعًا، بفضل الرؤية الملكية المتبصرة التي انتصرت على الأوهام، وبفضل استقرار أثبت أنه السلاح الأقوى في معارك الدبلوماسية الحديثة. أما الجزائر، فتبدو اليوم وحيدة، تبحث عن مخرج من ملفات استنزفتها، لتكتشف متأخرة أن التاريخ والجغرافيا لا يمكن تغييرهما بالخطابات الرنانة







