تشهد شوارع وساحات مدينة وجدة تحولاً جذرياً في منظومة الإنارة العمومية، مع انطلاق مشروع ضخم لاستبدال المصابيح التقليدية المتهالكة بأخرى حديثة تعتمد تقنية “الليد” (LED)، في خطوة تهدف إلى عصرنة المشهد الحضري لـ”مدينة الألفية”. هذا الورش الطموح، الذي باشرته المصالح المختصة، لا يقتصر فقط على تزيين الشرايين الرئيسية للمدينة، بل يرمي في جوهره إلى تحقيق “نجاعة طاقية” ملموسة عبر تقليص فاتورة استهلاك الكهرباء التي ترهق ميزانية الجماعة، مما يجعل من المشروع رافعة اقتصادية وبيئية تسعى إلى الرقي بجودة الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين وتأمين حركتهم الليلية في ظروف تليق بمكانة وجدة كقطب استراتيجي بجهة الشرق.
ورغم أن وتيرة الأشغال تبدو متسارعة في البدايات، حيث اكتست المدارات الكبرى والشوارع المحورية حلة من الضياء القوي الذي استحسنته الساكنة، إلا أن التساؤلات لا تزال مطروحة حول مدى شمولية هذه “الثورة النورية” لتشمل كافة الأحياء السكنية والأزقة الضيقة التي لا تزال تعاني من إنارة باهتة أو منعدمة في بعض النقط السوداء. فالمواطن الوجدي، الذي استبشر خيراً بتغيير “الوجوه الشاحبة” للمصابيح الصفراء القديمة، يتطلع اليوم إلى إيقاع عمل لا يستثني المناطق الهامشية، لضمان تكافؤ الفرص في الولوج إلى إنارة عمومية عصرية تساهم بشكل مباشر في تعزيز الشعور بالأمن والحد من بعض الممارسات المشبوهة التي يغذيها الظلام في الزوايا المنسية من المدينة.
من جهة أخرى، يرى متتبعون للشأن المحلي أن الرهان الحقيقي لا يتوقف عند تثبيت الأعمدة والمصابيح الجديدة فحسب، بل يمتد إلى “استدامة المشروع” من خلال وضع نظام صيانة فعال قادر على التدخل الفوري عند وقوع أي عطب تقني. فالتحدي يكمن في الحفاظ على هذا الإشعاع البصري وضمان عدم عودة الظلام إلى الشوارع التي تم تأهيلها، وهو ما يتطلب تنسيقاً وثيقاً بين كافة المتدخلين لضمان جودة التجهيزات ومطابقتها للمعايير المعمول بها. وبناءً عليه، يظل مشروع تحديث الإنارة العمومية بوجدة اختباراً حقيقياً لمدى قدرة التدبير المحلي على إتمام أوراش القرب بنجاح، وتحويل “مدينة الألفية” إلى حاضرة مضيئة تشع بالأمن والجمالية في كل ركن من أركانها






