أعلن الدكتور هشام الكبير، الصيدلاني وعضو المكتب التنفيذي لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، عن دخول الصيادلة في حركة احتجاجية تصعيدية تمتد من 18 غشت إلى 9 شتنبر، ستتوج بوقفة وطنية أمام مقر وزارة الصحة بالرباط. وتأتي هذه الخطوة، حسب الدكتور الكبير، كرد فعل على “عدم تحقيق المحادثات الأخيرة مع وزارة الصحة لأي من المطالب المشروعة للصيادلة”، وعلى ما وصفه بـ”المس بالمقاربة التشاركية” التي يضمنها دستور المملكة.
وأوضح الدكتور الكبير أن هذه الحركة الاحتجاجية، التي بدأت بحمل الشارات السوداء داخل الصيدليات، لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة تراكمات لملف مطلبي ظل عالقاً في أروقة وزارة الصحة لأكثر من 20 عاماً دون أن يرى النور. وقال في هذا الصدد: “لقد خضنا مفاوضات سابقة دامت لسنة وثمانية أشهر، ولم يتحقق منها أي مطلب للصيادلة، وهذا أمر نتأسف عليه”.
ورداً على التساؤلات حول أسباب هذا التصعيد، أكد المتحدث أن الأمر لا يتعلق فقط بمرسوم تخفيض أثمنة الدواء الذي كان محور المشاورات الأخيرة، بل يتجاوزه ليشمل الملف المطلبي بأكمله، والذي يعتبر ضرورياً لتمكين الصيدلي من مواكبة التغيرات التي تعرفها المنظومة الصحية الوطنية، وخدمة الصالح العام والمواطنين على أكمل وجه.
وفي سياق متصل، فند الدكتور الكبير بشكل قاطع الأفكار المغلوطة التي تروج حول هوامش ربح الصيادلة، والتي تصل في بعض الأحيان إلى 57%. وأوضح أن هذه النسبة هي مجرد “معامل حسابي معقد” يدخل في تحديد سعر الدواء، ولا علاقة لها بالواقع. وأشار إلى أن التقارير الرسمية، ومنها تقرير المديرية الوطنية للضرائب، حددت الربح الصافي للصيدلي ما بين 8 و12% فقط، مؤكداً أن الصيدلي لا يتدخل في تحديد سعر الدواء، بل هو مهمة حصرية للجنة بوزارة الصحة.
كما تطرق الدكتور الكبير إلى قضية السياسة الدوائية بالمغرب، معتبراً إياها “سؤالاً مركباً” يجب أن يكون محور نقاش حقيقي مع الوزارة الوصية. وأشار إلى أن الأدوية ذات الأثمنة الباهظة، خاصة تلك المتعلقة بالأمراض المستعصية، هي التي تشكل “معاناة إنسانية” للمواطنين وترهق صناديق التغطية الصحية. وكشف أن حوالي 150 دواءً فقط من أصل أكثر من 5000 دواء مرخص، تستنزف 54% من ميزانية تعويضات صناديق التأمين، مؤكداً أن هذه الأدوية الباهظة “لا تباع عموماً في الصيدليات”، بل خارج إطارها القانوني، مما يشكل مساً بحقوق الصيدلي وتهديداً لسلامة المرضى.
واختتم الدكتور الكبير تصريحه بالتأكيد على أن الهدف من هذه الحركة الاحتجاجية ليس تحقيق مصالح فئوية، بل هو “الدفاع عن المنظومة الصحية في شكلها العام”، وضمان ولوج المواطنين إلى العلاج بشكل سلس وعادل، وذلك في إطار إنجاح الورش الملكي المتعلق بتعميم التغطية الصحية الشاملة، وهو ما يتطلب، حسب رأيه، “إرادة وشجاعة حقيقيتين لمحاربة كافة الخروقات التي تهدد التوازنات المالية للمنظومة الصحية.”