في خطوة تعكس قيم الضيافة المغربية و”الدبلوماسية الرياضية” الرصينة، استجابت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لطلب الاتحاد الجزائري بتوفير إمام خاص لبعثة “الخضر” بفندق إقامتهم بالرباط لأداء صلاة الجمعة. وبقدر ما لقيت هذه المبادرة استحساناً لكونها تجسد الرقي التنظيمي وحرص المغرب على توفير “الراحة الروحية” لضيوفه، بقدر ما أعادت فتح جرح غائر يسكن مدرجات الملاعب الوطنية: “كرامة المشجع المصلي”.
المشهد الذي وثقته عدسات الكاميرا مراراً في ملاعبنا، يضعنا أمام مفارقة صارخة؛ فبينما تُفتح الأبواب للأطقم واللاعبين الأجانب لأداء شعائرهم في ظروف تليق بقدسية الصلاة، يجد المشجع المغربي (والإفريقي) نفسه مضطراً لافتراش “بقايا الكرتون” في ممرات ضيقة أو زوايا مظلمة داخل الملاعب، في غياب تام لفضائات مهيأة تليق ببلد ينص دستوره على إسلامية الدولة ويفتخر بهويته الدينية.
هذا “التناقض التنظيمي” لم يمر مرور الكرام على رواد مواقع التواصل الاجتماعي والفعاليات المدنية، الذين تساءلوا بحدة: أين هي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من هذه التظاهرات الكبرى؟ ولماذا يغيب التنسيق بين “مؤسسة اللعبة” و”مؤسسة الشأن الديني” لتوفير مصليات كريمة للجماهير، في وقت أصبحت فيه ملاعب “لادينية” في قلب أوروبا تخصص قاعات مجهزة للمصلين المسلمين احتراماً للتعددية؟
إن كرامة المصلي في الفضاء العام، وخاصة في المنشآت الرياضية التي تستعد لاستقبال مونديال 2030 ، ليست مجرد تفصيل لوجيستيكي، بل هي ممارسة دستورية وواجب أخلاقي. وإذا كانت الجامعة قد نجحت في “إكرام الضيف”، فإن الكرة الآن في مرمى مدبري الشأن الديني والرياضي لإنصاف صاحب الأرض، حتى لا تظل الصلاة في ملاعبنا استثناءً للمسؤولين و معاناة للجماهير.







