تزامناً مع الأسبوع الأخير من احتفالات رأس السنة الميلادية، دقت فعاليات مدنية وحقوقية بجهة الشرق ناقوس الخطر حيال الغزو المقلق للمخدرات الصلبة، وعلى رأسها مخدر “البوفا” الفتاك، الذي بات يتغلغل بشكل مخيف في أوساط الشباب والطلبة بمدينة وجدة والضاحية الشاطئية السعيدية. وتكشف معطيات ميدانية صادمة عن “مفارقة سعرية” تجعل من جهة الشرق سوقاً مغرياً لترويج هذه السموم؛ حيث يتراوح ثمن غرام الكوكايين بالمنطقة مابين 400 و600 درهم، وهو ما يمثل نصف ثمنه في باقي المدن المغربية الكبرى التي يتجاوز فيها السعر 1200 درهم، مما مهد الطريق لبروز “البوفا” كبديل رخيص ومدمر يستهدف بالدرجة الأولى الفئات الهشة والوسط الطلابي بمحيط جامعة محمد الأول بوجدة.
هذا الزحف القاتل نحو عقول الشباب، لم يعد يقتصر على المروجين التقليديين، بل تعداه إلى تورط غير مباشر لبعض الفضاءات التجارية؛ حيث باتت العديد من محلات التبغ (الصكا) بوجدة والسعيدية تسهل عملية تعاطي هذا المخدر عبر بيع مستلزمات “الطبخة” والتعاطي علانية، من أوراق ألمنيوم، مادة الصوديوم، والشفاطات البلاستيكية والمرايا، في تحدٍ سافر للقوانين المنظمة وللمراقبة الأمنية. وفي ذات السياق، تشير أصابع الاتهام إلى حانات وملاهٍ ليلية باتت توفر “ملاذاً آمناً” لاستهلاك الكوكايين بعيداً عن الأعين، خاصة في عطل نهاية الأسبوع بمدينة السعيدية التي تشهد طفرة في الرواج قبل أيام قليلة من ليلة رأس السنة، مما يفاقم من حدة الإدمان ويحول هذه الفضاءات من أماكن للترفيه إلى بؤر لنشر السموم الصلبة.
إن استهداف محيط المؤسسات الجامعية والتعليمية بهذا النوع من المخدرات الرخيصة يضع السلطات الإقليمية والأمنية بوجدة أمام مسؤولية جسيمة لمواجهة شبكات تتاجر بمستقبل الأجيال الصاعدة، حيث لم يعد الأمر يتعلق بمجرد استهلاك عابر، بل بظاهرة إجرامية منظمة تستغل انخفاض ثمن المادة الخام بجهة الشرق لتوسيع قاعدة المدمنين. ومع اقتراب ذروة الاحتفالات السنوية، تتعالى المطالب بضرورة القيام بحملات تطهيرية واسعة تشمل محلات التبغ المشبوهة والوحدات الفندقية والحانات، للضرب بيد من حديد على كل من يسهل عملية ترويج واستهلاك هذه السموم التي تهدد بحقن الموت في شرايين شباب عاصمة الشرق






