تتواصل بمدينة مراكش عمليات ترميم وإعادة تأهيل المساجد التي تضررت جراء زلزال الحوز، حيث تعمل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، تنفيذا للتعليمات السامية لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على إرجاعها إلى سابق عهدها.
وتُعد المساجد العتيقة بمدينة مراكش من أبرز المعالم الدينية والثقافية التي تجسد الهوية التاريخية للمدينة الحمراء، إذ ارتبطت بأدوار روحية واجتماعية مهمة في الحياة المحلية والوطنية. وقد كانت هذه المعالم ولا تزال رمزا للإرث الحضاري والتفرد المعماري الذي يميز المدينة. وفي إطار الحفاظ على هذا الكنز الحضاري والديني، تبرز أهمية إعادة تأهيل المساجد العتيقة بمراكش والعديد من المناطق المتضررة، وهو مشروع يشمل ترميم وتجديد البنيات التحتية للمساجد وإعادة بناء بعضها بشكل جزئي أو كلي، بهدف صون رونقها الجمالي والحفاظ على أصالتها واستمرار الأدوار المتعددة التي تضطلع بها. وعلى مستوى جهة مراكش آسفي بلغ عدد المساجد المتضررة من الزلزال، 1504 مسجدا، موزعة على عمالة مراكش وإقليمي الحوز وشيشاوة. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أبرز المندوب الجهوي للأوقاف والشؤون الإسلامية لجهة مراكش آسفي، عبد الرحيم بغزلي، أن الأضرار لحقت على مستوى مراكش ب 382 مسجدا، خضعت كلها لعدد من الدراسات التقنية، مشيرا إلى أنه ضمن هذا العدد سيخضع 50 مسجدا إما لعملية إعادة البناء الكلي أو إعادة البناء الجزئي، و215 مسجدا سيخضع لإصلاحات بين كبيرة وطفيفة. وفي ما يتعلق بالمساجد ذات الطابع الأثري والتاريخي، أكد السيد بغزلي أن الأشغال المتعلقة بعمليات الترميم ستبدأ في القريب العاجل في أغلب هذه المساجد البالغ عددها 57 مسجدا، مضيفا أن جامع الكتبية الذي تم حصره كذلك ضمن هذه الفئة خضع لترميم دقيق وفق المعايير والمواصفات المعمول بها دوليا في مجال ترميم المآثر التاريخية. وذكر بأن هذه المعلمة التاريخية المشعة في العالم الإسلامي جرى فتحها خلال رمضان الماضي لأداء الصلوات الخمس وصلوات التراويح في حفل روحي بهيج، بعدما رممت أعمدتها وأسقفها الخشبية والجبصية بالاستعانة بفرق متخصصة في الهندسة المعمارية والمدنية وعلم الآثار والتقنيات المختلفة التي تستوجبها عملية ترميم مثل هذه المآثر التاريخية. وأوضح أن الساكنة وزوار المدينة استحسنوا إعادة فتح جامع الكتبية في ظرف وجيز حيث هب خلال شهر الرحمة والمغفرة أكثر من 20.000 مصلي ومصلية لأداء صلوات التراويح، مشيدا بالعناية السامية التي يوليها أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذا الصرح الديني العريق. مسجد القصابين المتواجد بساحة جامع الفنا، الذي يندرج ضمن المساجد الـ57 التي ستخضع قريبا للترميم بكل عناية، شملته كذلك جميع الدراسات المعمارية والتقنية والآركيولوجية وتم اختيار المقاولة التي ستتولى عملية ترميمه في أفق إعادته إلى سابق عهده. ويعود بناء هذا المسجد التاريخي إلى القرن السادس الهجري (583 ه/ 1187 م) ويتواجد في مكان اشتهر في الفترة الموحدية بدكاكين الجِزارة، لذلك سمي بالقصابين (أي الجزارين). وفي هذا الإطار، أشار السيد بغزلي إلى أن المسجد تضرر بشكل كبير إذ دمر الزلزال مئذنته بأكملها وأصيبت جدرانه وقبابه بشكل كبير، لذلك تم التدخل فيه بشكل مستعجل وتم تدعيمه حتى لا تتساقط الأجزاء المتبقية منه، في انتظار الشروع الفعلي قريبا في أعمال صيانته. الأمر نفسه بالنسبة لجامع مولاي اليزيد، الذي تضررت قبابه وأعمدته وجدرانه وصومعته، إذ خضع لعملية التدعيم كي لا تتعرض مرافقه لأضرار إضافية. من ناحية أخرى، أكد المسؤول أنه تم فتح، من ضمن 382 مسجدا تضرر من الزلزال، ما يزيد عن 290 مسجدا بعد القيام بالإجراءات والأشغال اللازمة، أي حوالي 70 في المائة من المساجد المتضررة. يشار إلى أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أحدثت سابقا وحدة خاصة على المستوى المركزي لتتبع وتنفيذ برنامج تأهيل البنايات الدينية والوقفية المتضررة جراء الزلزال.